بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
هذه بعض الأسئلة التي نسمعها كثيراً ونُسأل عنها كثيراً خاصة من قِبل اخواننا أهل السنة الكرام..
وأتمنى أن تستفيدو منها اخواني جميعاً.. عسى أن نعرف الجواب عندما نُسأل عن إحداها، خاصة أنّ الكثير يُسأل عنها ولكن لا يعرف الجواب وبالتالي يكون في موقع الضعيف الذي يقوم بعبادات دون العلم عن أصلها أو سبب القيام بها.. مع العلم أنّ هذا الموضوع للإستفادة والرجاء عدم تحويله بأي شكل من الأشكال لنزاع طائفي قد يؤدّي إلى حذف الموضوع وبالتالي حرمان الجميع من الفائدة.
والأسئلة هي:
1-لماذا نقول في الآذان "أشهد أنّ عليّاً ولي الله"؟
إن أمير المؤمنين عليا سلام الله عليه وهو عبد من عباد الله الذين اصطفاهم الله وشرفهم ليواصلوا حمل أعباء الرسالة بعد أنبيائه وهؤلاء هم أوصياء الانبياء، فلكل نبي وصي وعلي بن أبي طالب هو وصيّ محمد(ص)، ونحن نفضله على سائر الصحابة بما فضله الله ورسوله ولنا في ذلك أدلة عقلية ونقلية من القرآن والسنة وهذه الادلة لا يمكن أن يتطرق إليها الشك لانها متواترة وصحيحة من طرقنا وحتى من طرق أهل السنة والجماعة، وقد ألّف في ذلك علماؤنا العديد من الكتب، ولما كان الحكم الاموي يقوم على طمس هذه الحقيقة ومحاربة أمير المؤمنين علي(ع) وأبنائه وقتلهم، ووصل بهم الامر إلى سبّه ولعنه على منابر المسلمين وحمل الناس على ذلك بالقهر والقوة، فكان شيعته وأتباعه رضي الله عنهم يشهدون أنه ولي الله، ولا يمكن للمسلم أن يسبّ ولي الله، وذلك تحديّا منهم للسلطة الغاشمة حتى تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وحتى تكون حافزا تاريخيا لكل المسلمين عبر الاجيال فيعرفون حقيقة علي(ع) وباطل أعدائه.
ودأب فقهاؤنا على الشهادة لعلي بالولاية في الاذان والاقامة استحبابا، لا بنية أنها جزء من الآذان أو الاقامة فإذا نوى المؤذن أو المقيم أنها جزء بطل أذانه وإقامته.
والمستحبات في العبادات والمعاملات لا تحصى لكثرتها والمسلم يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها، وقد ورد على سبيل المثال أنه يذكر استحبابا بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بأن يقول المسلم، وأشهد أن الجنة حق والنار حق وأن الله يبعث من في القبور.
2-لماذا نسجد على التربة الحسينية؟
يجب أن نعرف قبل كل شيء أننا نسجد على التراب، ولا نسجد للتراب، كما يتوهم البعض الذين يشهّرون بالشيعة، فالسجود هو لله سبحانه وتعالى وحده، والثابت عندنا وعند أهل السنة أيضا أن أفضل السجود على الارض أو ما أنبتت الارض من غير المأكول، ولا يصح السجود على غير ذلك، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفترش التراب وقد اتخذ له خمرة من التراب والقش يسجد عليها، وعلّم أصحابه رضوان الله عليهم فكانوا يسجدون على الارض، وعلى الحصى، ونهاهم أن يسجد أحدهم على طرف ثوبه، وهذا من المعلومات بالضرورة عندنا.
وقد اتخذ الامام زين العابدين وسيد الساجدين على بن الحسين (عليهما السلام) تربة من قبر أبيه أبي عبدالله(ع) باعتبارها تربة زكية طاهرة سالت عليها دماء سيد الشهداء، واستمر على ذلك شيعته إلى يوم الناس هذا، فنحن لا نقول بأن السجود لا يصح إلا عليها، بل نقول بأن السجود يصح على أي تربة أو حجرة طاهرة كما يصح على الحصير والسجاد المصنوع من سعف النخيل وما شابه ذلك.
3-لماذا نبكي ونلطم والبعض يضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء؟ بالرغم من قوله صلى الله عليه وآله: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية".
الحديث صحيح لا شك فيه ولكنه لا ينطبق على مأتم أبي عبد الله(ع)، فالذي ينادي بثأر الحسين(ع) ويمشي على درب الحسين دعوته ليست دعوى جاهلية، ثم إن الشيعة بشر فيهم العالِم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فاذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله(ع) وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي، فهم مأجورون لأنّ نواياهم كلها في سبيل الله، والله سبحانه وتعالى يعطي العباد على قدر نواياهم، ومن المعروف أنّ في التقارير الرسمية للحكومة المصرية بمناسبة موت جمال عبد الناصر سُجّل أكثر من ثماني حالات انتحارية قتل أصحابها أنفسهم عند سماع النبأ فمنهم من رمى نفسه من أعلى العمارة ومنهم من ألقى بنفسه تحت القطار وغير ذلك، وأما المجروحون والمصابون فكثيرون، وهذه أمثلة للعواطف التي تطغى على أصحابها وإذا كان الناس وهم مسلمون بلا شك يقتلون أنفسهم من أجل موت جمال عبد الناصر وقد مات موتا طبيعيا، فليس من حقنا - بناء على مثل هذا - أن نحكم على أهل السنة بأنهم مخطئون.
وليس لاخواننا من أهل السنة أن يحكموا على إخوانهم من الشيعة بأنهم مخطئون في بكائهم على سيد الشهداء، وقد عاشوا محنة الحسين(ع) وما زالوا يعيشونها حتى اليوم، وقد بكى رسول الله(ص) نفسه على ابنه الحسين(ع) وبكى جبريل(ع) لبكائه.
4-لماذا نُزخرف قبور الأئمة والأولياء بالذهب والفضة؟
ليس ذلك منحصرا بالشيعة، ولا هو حرام فها هي مساجد إخواننا من أهل السنة سواء في العراق أو في مصر أو في تركيا أو غيرها من البلاد الاسلامية مزخرفة بالذهب والفضة وكذلك مسجد رسول الله(ص) في المدينة المنورة وبيت الله الحرام في مكة المكرمة الذي يكسى في كل عام بحلة ذهبية جديدة يصرف فيها الملايين.
5-إن بعض العلماء يقولون: إن التمسح بالقبور ودعوة الصالحين والتبرك بهم، شرك بالله....
اذا كان التمسح بالقبور ودعوة أصحابها بنية أنهم يضرون وينفعون، فهذا شرك، لا شك فيه؛ وإنما المسلمون موحّدون ويعلمون أن الله وحده هو الضار والنافع وإنما يدعون الاولياء والائمة (عليهم السلام) ليكونوا وسيلتهم إليه سبحانه وهذا ليس بشرك، والمسلمون سنة وشيعة متفقون على ذلك من زمن الرسول(ص) إلى هذا اليوم، عدا الوهابية وهم علماء السعودية الذين خالفوا إجماع المسلمين بمذهبهم الجديد الذي ظهر في هذا القرن، وقد فتنوا المسلمين بهذا الاعتقاد وكفروهم وأباحوا دماءهم، فهم يضربون الشيوخ من حجاج بيت الله الحرام لمجرد قول أحدهم: السلام عليك يا رسول الله، ولا يتركون أحدا يتمسح على ضريحه الطاهر.
فإن السيد شرف الدين من علمائنا لمّا حج بيت الله الحرام في زمن عبد العزيز آل سعود، كان من جملة العلماء المدعوين إلى قصر الملك لتهنئته بعيد الاضحى كما جرت العادة هناك ولما وصل الدور إليه وصافح الملك قدم إليه هدية وكانت مصحفاً ملفوفاً في جلد، فأخذه الملك وقبله ووضعه على جبهته تعظيماً له وتشريفاً، فقال له السيد شرف الدين عندئذ: أيها الملك لماذا تقبل الجلد وتعظمه وهو جلد ماعز ؟ أجاب الملك: أنا قصدت القرآن الكريم الذي بداخله ولم أقصد تعظيم الجلد! فقال السيد شرف الدين عند ذلك: أحسنت أيها الملك، فكذلك نفعل نحن عندما نقبل شباك الحجرة النبوية أو بابها فنحن نعلم أنه حديد لا يضر ولا ينفع، ولكننا نقصد ما وراء الحديد وما وراء الاخشاب نحن نقصد بذلك تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله، كما قصدت أنت القرآن بتقبيلك جلد الماعز الذي يغلفه.
فكبر الحاضرون إعجابا له وقالوا: صدقت، واضطر الملك وقتها إلى السماح للحجاج ان يتبركوا بآثار الرسول(ص) حتى جاء الذي بعده فعاد إلى القرار الاول - فالقضية ليست خوفهم أن يشرك الناس بالله، بقدر ما هي قضية سياسية قامت على مخالفة المسلمين وقتلهم لتدعيم ملكهم وسلطتهم على المسلمين والتاريخ أكبر شاهد على ما فعلوه في أمة محمد(ص).