تناول الألياف والبعد عن الملينات الكيميائية علاج على المدى الطويل
المشي 30 دقيقة يوميا يقي من الإمساك المزمن
القاهرة - ماري يعقوب:
أطلق عليه مرض العصر لأنه يصيب أكثر من 25% من سكان المنطقة العربية، وهو أحد الأسباب التي يخلقها الامساك المزمن، وهو مؤلم ومزعج للمصاب ولمن حوله حيث تختلط آلامه كثيرا مع أعراض أخرى مما يؤخر تشخيصه، ورغم أن الاصابة بالامساك تكون أحد مسببات القولون العصبي الا أن المريض كثيرا لا يفطن الى هذا السبب ويذهب تفكيره للقلب أو الرئتين أو غيرهما من أجزاء الجسم التي تختلط أعراضها مع أعراض القولون العصبي.
وحتى لا يدور مريض القولون العصبي في دائرة مفرغة يجب أن يحسم الطبيب المتخصص تشخيصه، وهذا ما يؤكده د شكري حنتر -أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والمناظير بجامعة القاهرة.
ويشير الخبير حنتر الى أن هناك أعراضا عديدة يمكن الاعتماد عليها في تشخيص القولون العصبي ومنها وجود ألم بمنطقة البطن يقل مع عملية التبرز، مع تغيير مستمر في عدد مرات التبرز أو شكله، بالاضافة الى اضطراب في حركة المعدة ينتج عنه سوء هضم واحساس بالامتلاء، كذلك من أعراض القولون العصبي حدوث فترات امساك قد تعقبها فترات اسهال.
ويشخص د حنتر الامساك المزمن بأنه عدد مرات التبرز التي تقل عن ثلاث مرات أسبوعيا، أو صعوبة في عملية التبرز ووجود صلابة في البراز، كذلك ينتج البراز على شكل كرات صغيرة صلبة، واستمرار هذه الحالة لمدة 6 أسابيع يشخص على أنه امساك مزمن.
ويؤكد د حنتر أن الامساك على الرغم من أنه لا يمثل أكثر من مجرد عرض لدى الشخص المصاب الا أن له خطورته التي لا يستهان بها ومنها حدوث النزيف الشرجي وفقدان الوزن بشكل ملحوظ خلال فترة زمنية قصيرة، وعادة ما يكون مصحوبا بفقدان الشهية، ويقول د حنتر: انه في هذه الحالات يتوجب اخضاع المريض للفحوص التي منها الفحص بالأشعة وعمل الفحوص المعملية، كما أن المنظار القولوني يعتبر أداة رئيسية وذا أهمية قصوى في تحديد السبب الحقيقي للامساك والتفرقة بينه وبين الأمراض الخطرة الأخرى، كما أن استخدامات المنظار لا تقتصر على الحالات التشخيصية فحسب، لكن يمكن في الوقت ذاته أن يتدخل جراحيا لاستئصال أي زوائد قولونية، كما يستخدم في عمل الكي لمناطق نزف محددة بالقولون.
ويحذر د حنتر من اهمال علاج الامساك حيث انه يعرض المريض للعديد من المضاعفات ومنها حدوث البواسير التي تنتج عن صعوبة التبرز أو الاصابة بفتق أو أكثر من فتق، وهذا بدوره له أضرار أخرى مضاعفة.
أما علاج القولون العصبي فيعتمد على طمأنة المريض ونزع حالة القلق والوسوسة التي قد تصيبه نتيجة تداخل الأعراض، كما تجب توعية المريض بأن مرضه ناتج عن اتباعه عادات غذائية مضطربة، وأن الأعراض التي يعاني منها بعيدة تماما عن وجود أورام بالقولون أو في منطقة البطن، أما الاحساس بالألم الذي يعانيه في منطقة البطن فهو راجع الى زيادة حساسية المستقبلات العصبية بالقولون للألم، وهنا يجب أن يكون الطبيب واسع الصدر ولديه الوقت للتحدث الكافي مع المريض.
ويضيف: في حالة وصف نظام غذائي لمريض القولون فإن الأمر يتطلب حالة خصوصية لكل مريض على حدة، فلا توجد قواعد عامة بالنسبة للنظام الغذائي يتبعها كل المرضى، ولكن هناك خطوطا عامة يجب أن يسير عليها مريض القولون بشكل عام منها الابتعاد عن تناول البقوليات والكرنب والبصل النيء والثوم النيء والبهارات الحارة والمواد الحريفة، ولأن لكل مريض خصوصية في هذا الأمر فإننا ننصح بأن يسجل كل مريض نوع الطعام الذي يتناوله يوميا، وبالتالي ما يتعرض له من أعراض أو أحداث وعلاقة ذلك بالقولون العصبي، حيث انه في كثير من الحالات قد تكون الأعراض راجعة الى نقص بأحد الانزيمات اللازمة لهضم مواد غذائية معينة مثل الألبان على سبيل المثال- كما يحذر من الاستخدام العشوائي للأدوية مثل الملينات والمهدئات التي تتسبب في حدوث أضرار بالغة مثل ارتخاء عضلات القولون. كما يفضل أن يتناول المريض غذاء غنيا بالألياف الطبيعية مثل نخالة القمح أو الخس، كما يمكن تناول النخالة مخلوطة بالزبادي ويفضل تناول الخبز الكامل “الأسمر”.
وينصح د حنتر مرضى القولون العصبي بممارسة رياضة المشي اليومي بشكل منتظم بما لا يقل عن نصف ساعة، أو ممارسة بعض الرياضات المختلفة بشكل تدريجي، أو ممارسة بعض التمرينات الحركية المرتبطة بالبطن والصدر على أن تراعى الحالة الصحية العامة لكل مريض من حيث حالة القلب أو وجود أمراض أخرى تحول دون تأدية رياضة معينة، كما يؤكد على أهمية تناول الألياف الطبيعية بالطعام مع الاكثار من شرب الماء حيث انه يعمل على تكوين قوام معتدل للبراز، ويستطرد د حنتر مطمئنا المريض بأن هذه الوصفة قد تسبب انتفاخا للمريض في البداية، لكن بتعود المريض عليها تنتهي هذه الأعراض مع عملية الامساك من دون الاعتماد على الملينات، لكن بعض حالات القولون العصبي يمكن أن تعتمد على استخدام الملينات لعلاج الامساك لزيادة الضغط الأسموزي ما يؤدي الى زيادة كمية البراز بطريقة طبيعية، وقد يحتاج البعض الى تناول السكريات غير القابلة للامتصاص، وفي بعض الحالات قد يلجأ الى وصف بعض مضادات الاكتئاب بجرعات بسيطة.
ويشير د حنتر الى طرق العلاج غير الجراحي أو التدخلي حيث تتوافر حاليا عقاقير حديثة لها دور فعال في التغلب على مسببات القولون العصبي، لكن لا بد من الاحتياط في تناولها من دون استشارة طبية، حيث يتطلب الأمر إجراء الاختبارات المناسبة للمريض الذي يستخدم هذا العلاج أو العقار الحديث، فقد أكدت الأبحاث الجديدة أن اثارة مستقبلات السيرتونين في الجهاز الهضمي تؤدي الى تقليل الاحساس بالألم وتحسين حركة القولون ولكن العقار قد يكون مناسبا لمريض وغير مناسب لمريض آخر